استحوذت جامعات مصر والسعودية والامارات ولبنان، على ترتيب أفضل 10 جامعات في الوطن العربي لعام 2015 بحسب دراسة قامت بها مؤسسة “U.S. News” واعتمدت فيها على عوامل عدة كالبحث العلمي وتفوق طلابها، اما بخصوص ترتيب العراق ضمن التصنيف الدولي فقد جاءت جامعة بغداد كأفضل جامعة عراقية بترتيب 601 على مستوى العالم.هذه المؤشرات لا بد من الوقوف عندها طويلا وضرورة الاهتمام بها في ظل التنافس العلمي الشديد من جميع دول العالم وخاصة الدول النامية الطامحة الى تحقيق قفزات علمية واقتصادية واجتماعية وسياسية لتلحق بركب الدول المتقدمة والتقليل من الفجوات المعرفية والعلمية، وصولا الى دولة الرفاه الاجتماعي المستقرة امنيا واقتصاديا.اثناء دخولي في دورات تطويرية في الجامعة الاميركية في بيروت والتي جاءت في الترتيب الخامس على مستوى الجامعات العربية، اطلعت على عمل فريق الخبراء الدوليين في تقييم الجامعات واعتمادهم على معايير موضوعية وعلمية محددة، منها، مفردات المنهاج الدراسي والتحصيل العلمي للكادر التدريسي ونسبة الاساتذة الى الطلبة، وعدد الكتب وحداثتها وتنوعها في مكتبات الجامعة، ونسبة الاساتذة والطلاب الاجانب، ومستوى الطلاب المتخرجين وكفاءتهم واهليتهم واندماجهم في سوق العمل، وانجازاتهم العلمية والمهنية، لكنني تفاجأت ان هناك معايير اخرى لا يهتم بها كثيرا الوسط الاكاديمي او وزارة التعليم العالي العراقية، مثل المرافق الصحية ونظافتها وأعدادها بما يتلاءم وعدد طلاب الجامعة او الكلية، والحدائق والمتنزهات والنوادي والقاعات الرياضية والترفيهية، والقاعات الدراسية والمختبرات ونظافتها ومصادر التهوية والتدفئة والتبريد والاضاءة والصوت وادوات ومستلزمات عرض المادة العلمية، بل ان هناك استمارات خاصة لتقييم الاستاذ الجامعي من قبل طلابه، لكي يحسن ويطور طريقته في عرض وشرح مادته العلمية او تغيير وتحديث مضمونها.مع الاسف الشديد، نظرا للتوسع المستمر في الجامعات الحكومية العراقية، يتم ازالة العديد من الحدائق والمتنزهات وتقليص احجام القاعات والنوادي، وبناؤها بشكل كلاسيكي لا يراعي وضع عوازل للصوت والحرارة والبرودة وعدم مراعاة الاجهزة والمستلزمات المساعدة لتقديم المادة العلمية مثل التحكم بالاضاءة والصوت ووسائل العرض من شاشات وافلام فيديوية فضلا عن ضعف وقلة المختبرات العلمية واجهزتها بل ان بعض الجامعات الاهلية التي انتشرت بشكل واسع مؤخرا تم انشاؤها باستخدام بنايات سكنية وتجارية تم تحويرها وتقطيعها بشكل كيفي غير مدروس، ويؤثر بشكل سلبي على ايصال المادة العلمية وترسيخها في ذهن الطالب.اذا اردنا ان يكون خريجو الجامعات العراقية على مستوى علمي ومهني يؤهلهم في دخول سوق العمل في العراق وخارجه والتفوق فيه، فلا بد من الاهتمام بالمعايير العالمية في تقييم الجماعات ومن ثم تلافي النقوصات وعدم التركيز على الكادر التدريسي والمنهاج العلمي واهمال بقية الجوانب الاخرى، فما فائدة منهاج تدريسي متطور ومتكامل في ظل عدم وجود وسائل وادوات تساعد في ترسيخه بذهن الطالب، وبذلك يفقد المنهج محتواه والفائدة المرجوة منه.