الحشد يستعيد الحياة
بقلم: عبدالزهرة زكي
في الشعر وحده يمكن للكلمات أن تحقق ما لا تحققه اللغة في أنماط التعبير اللغوي الأخرى. ما لا يُقبَل في نثر اللغة سيكون بإمكان شعرها تسويغه
وقبوله.
وليس في تاريخ الانسان على الأرض من معضلة تعادل معضلة الموت وسعي الانسان إلى التغلب عليها، غير أن الموت ظل مآلاً حتمياً. إنها محنة البشر التي لم يجرِ التغلب عليها إلا بالشعر وبكلِّ ما له صلة بالتعبير الشعري. تغلبت اسطورة كلكامش على الموت، إنما منحته للأفعى وأضاعته على الانسان، وكان كلّ شيء مقنعاً في تلك الأسطورة بموجب رؤية الشعر التي أعطت النص الأسطوري قدرته على الاقناع وليس منطقية
النثر.
قصيدة البيروي سيسر باييخو (حشد) التي ترجمها مؤخراً صالح علماني هي مثالٌ آخر على مقاومةِ الموت.
مثالُ باييخو يأتي من زاوية أخرى لهذه المقاومة؛ من التغلب على الموت، وكان متحققاً فعلاً، ومن استعادة الحياة من براثن الموت، انها قصيدة تحيي الاموات وتبثّ الحياة في جسد كان قد فارق الحياة. مثال باييخو تعبير مدهش على قدرة الشعر على ابتكار موضوعاته وعلى اقناعنا بما هو ليس
بمُقنِع.
لا ينطلق الشاعر من محاولة منع الموت، وهو موضوع تكرّر في الشعر وغير الشعرِ كثيراً. لم يستعِن باييخو بالانشاء وبالشعارات كما هو متوقع. إنه ينشئ في قصيدة (الحشد) رؤيةً شعرية مغايرة تكون معها الارادة الانسانية وسيلة تتطلب (الاجماع البشري) لتحقق معجزتها: إعادة إحياء الميت.
الميت في قصيدة باييخو هو بطل لا يكتفي عارفوه بالندب وبالتقريظ لسيرة يحبونها ولشخصٍ يمجدونه، إنما هم يتنادون ويحتشدون ويلتمسون من الميت نفسِه أن ينهض ليتواصل معهم، لكن المعجزة لم تتحق إلا حين (جاء أهل الأرض قاطبة) ليستعيد الميّتُ البطلُ فرصتَه مرّةً أخرى في الحياة.
لست هنا بوضع الشارح، والشرح نثرٌ ليس فيه من قدراتِ الشعر شيء. قراءة هذا النص الشعري الخلّاق وحدها الجديرة بالإفصاح عن حقيقة قدرة الشعر على التعبير عما لا يمكن التعبير عنه. الترجمة، وبالأخص حينما تكون بوساطة مترجم ماهر كالأستاذ علماني، لا يضيع معها كثير ما تتمتع به شعرية المعنى. هذا نص يقيم شعريته ويديم خلوده، كما هو حال أي شعر عظيم، على ثراء المعنى الشعري وفرادته
وجدّته.
هنا الحشد، الجمع، ينهض من أجل الفرد، من أجل حياته هو عبر حياة الفرد، وهنا الفرد يتحرك و(يحيا) من أجل الحشد.. إنها خلاصة كثيفة الشعر في تعبيرها عن الشراكة الانسانية، وفي تقديمها معنى آخر رمزياً لعودة الحياة ولخلود البطل
الفرد.
الشعر ولّاد حيوي للمعاني الجديدة دائماً. مَن قال إن الشعر قد مات؟ من قال إنه سيموت؟.
في الشعر وحده يمكن للكلمات أن تحقق ما لا تحققه اللغة في أنماط التعبير اللغوي الأخرى. ما لا يُقبَل في نثر اللغة سيكون بإمكان شعرها تسويغه
وقبوله.
وليس في تاريخ الانسان على الأرض من معضلة تعادل معضلة الموت وسعي الانسان إلى التغلب عليها، غير أن الموت ظل مآلاً حتمياً. إنها محنة البشر التي لم يجرِ التغلب عليها إلا بالشعر وبكلِّ ما له صلة بالتعبير الشعري. تغلبت اسطورة كلكامش على الموت، إنما منحته للأفعى وأضاعته على الانسان، وكان كلّ شيء مقنعاً في تلك الأسطورة بموجب رؤية الشعر التي أعطت النص الأسطوري قدرته على الاقناع وليس منطقية
النثر.
قصيدة البيروي سيسر باييخو (حشد) التي ترجمها مؤخراً صالح علماني هي مثالٌ آخر على مقاومةِ الموت.
مثالُ باييخو يأتي من زاوية أخرى لهذه المقاومة؛ من التغلب على الموت، وكان متحققاً فعلاً، ومن استعادة الحياة من براثن الموت، انها قصيدة تحيي الاموات وتبثّ الحياة في جسد كان قد فارق الحياة. مثال باييخو تعبير مدهش على قدرة الشعر على ابتكار موضوعاته وعلى اقناعنا بما هو ليس
بمُقنِع.
لا ينطلق الشاعر من محاولة منع الموت، وهو موضوع تكرّر في الشعر وغير الشعرِ كثيراً. لم يستعِن باييخو بالانشاء وبالشعارات كما هو متوقع. إنه ينشئ في قصيدة (الحشد) رؤيةً شعرية مغايرة تكون معها الارادة الانسانية وسيلة تتطلب (الاجماع البشري) لتحقق معجزتها: إعادة إحياء الميت.
الميت في قصيدة باييخو هو بطل لا يكتفي عارفوه بالندب وبالتقريظ لسيرة يحبونها ولشخصٍ يمجدونه، إنما هم يتنادون ويحتشدون ويلتمسون من الميت نفسِه أن ينهض ليتواصل معهم، لكن المعجزة لم تتحق إلا حين (جاء أهل الأرض قاطبة) ليستعيد الميّتُ البطلُ فرصتَه مرّةً أخرى في الحياة.
لست هنا بوضع الشارح، والشرح نثرٌ ليس فيه من قدراتِ الشعر شيء. قراءة هذا النص الشعري الخلّاق وحدها الجديرة بالإفصاح عن حقيقة قدرة الشعر على التعبير عما لا يمكن التعبير عنه. الترجمة، وبالأخص حينما تكون بوساطة مترجم ماهر كالأستاذ علماني، لا يضيع معها كثير ما تتمتع به شعرية المعنى. هذا نص يقيم شعريته ويديم خلوده، كما هو حال أي شعر عظيم، على ثراء المعنى الشعري وفرادته
وجدّته.
هنا الحشد، الجمع، ينهض من أجل الفرد، من أجل حياته هو عبر حياة الفرد، وهنا الفرد يتحرك و(يحيا) من أجل الحشد.. إنها خلاصة كثيفة الشعر في تعبيرها عن الشراكة الانسانية، وفي تقديمها معنى آخر رمزياً لعودة الحياة ولخلود البطل
الفرد.
الشعر ولّاد حيوي للمعاني الجديدة دائماً. مَن قال إن الشعر قد مات؟ من قال إنه سيموت؟.