تمثل الاستيرادات محوراً مهماً في استقرار العرض لمختلف المحاصيل الزراعية في السوق العراقية فوزارة الزراعة مسؤولة عن استيراد المنتجات الزراعية، عدا تلك التي تدخل في مكونات البطاقة التموينية فهي تحدد استيرادها من عدمه وبأية كمية وخلال أية فترات زمنية من العام ولديها تقويم زراعي يسمى الرزنامة الزراعية التي تحدد بموجبها الفترات التي يغلق فيها باب الاستيراد لأهم الخضراوات والفواكه.
خبير الشان الزراعي د. عبد الحسين الحكيم قال: تبنى سياسة وزارة الزراعة الاستيرادية بالدرجة الأولى على الموازنة الدقيقة بين حماية المنتج (المربي) الزراعي و حماية المستهلك، لافتا الى ان محصول الذرة الصفراء الذي يستهلك مكون من مكونات العليقة العلفية يتم استيراده لتغطية النقص بين الحاجة (الدواجن) والكميات المنتجة محليا، ويتم استيراد الشعير في حالات الجفاف وقلة النبت في المراعي، و يحدث ذلك في حالات نادرة.
مراقبة اسواق الجملة
واشار الى ان محاصيل الخضار والفواكه ومنتجات الدواجن ( بيض المائدة ولحوم الدجاج) واللحوم الحمراء والأسماك فتتم دراسة حالة السوق من خلال لجنة مركزية وممثلين مراقبين في أسواق الجملة من حيث كميات العرض في الأسواق المحلية ونسبة المنتج المحلي من الكميات الكلية المعروضة وأسعار المنتجات و المشاكل التسويقية، وتقوم اللجنة بالتوصية بمنع الاستيراد أو تقليص الكميات المستوردة، مبينا انه حينما يكون الإنتاج المحلي يغطي الطلب أو قريبا من تغطيته، وذلك لحماية المنتج من انهيار الأسعار وبالتوصية بفتح الاستيراد كلاً أو جزءاً عند توقف الإنتاج المحلي (خارج موسم الإنتاج) أو انخفاض الكميات المعروضة وذلك لحماية المستهلك من ارتفاع الأسعار، إضافة إلى اقتراح الحلول الممكنة لحل المشاكل التسويقية.الحكيم قال: إن السياسة التسويقية تشمل منع إستيراد الخضراوات والفواكه التي تنتج في العراق خلال مواسم الإنتاج وفتحه خارجها وفتح الاستيراد لكل الفواكه والخضراوات التي لا تنتج محليا.
وعن الإستيراد غير القانوني التهريب، الدخول غير الشرعي بين الحكيم ان أهم مشكلة تقف بالضد من السياسة التسويقية هي مشكلة الاستيراد غير القانوني الذي يتم عبر التهريب و الدخول غير الشرعي من المنافذ الحدودية (فساد مالي)، إضافة إلى إغراق السوق العراقية ضمن السياسات التسويقية لدول الجوار. واشار الى ان هذا النوع من الاستيراد يؤدي إلى الكثير من السلبيات أهمها خفض الأسعار مسببا خسارة المنتجين المحليين أو تقليص هامش ربحهم وارتفاع كميات التلف في الحقول لعدم جدوى الجني وارتفاع كميات التلف في العلاوي لانخفاض الطلب على المنتج المحلي وانخفاض القيمة المضافة للناتج المحلي وعزوف المنتجين أو انكماشهم عن الإنتاج.
هجرة الفلاح للمدينة
وتابع ان الاستيراد غير القانوني، إضافة إلى أسباب أخرى، كإغراق السوق وعمل شباب الريف في مهن غير زراعية، يسبب في المحصلة النهائية إلى ترك مساحات من الأراضي الزراعية دون زرع وفي حالات كثيرة إلى هجرة الفلاح وعائلته إلى المدينة، لافتا الى ان عدم استغلال الأراضي الزراعية في الأنشطة الإنتاجية الزراعية، يعرضها إلى التعرية الريحية وإلى تملحها (انتقال الأملاح من المناطق المزروعة إلى الأراضي المتروكة)، وان نمو المساحات المتروكة دونما زرع يمثل نمو التصحر في أحدى صوره.
يشمل مفهوم التصحر زحف الصحراء على الأراضي الزراعية (الكثبان الرملية المتحركة) وتملح التربة وتغدقها وتبوير الأراضي الزراعية جراء الجفاف والانخفاض المستمر للموارد المائية وهجرة الفلاحين وعدم جدوى استثمار الأرض زراعيا.
تدهور الغطاء النباتي
الحكيم اكد ان العراق أحد الدول التي تتعرض بشكل متزايد إلى ظاهرة زحف الصحراء والمتمثلة في تدهور الغطاء النباتي الطبيعي (المراعي الطبيعية) الذي يؤدي إلى تقليص الكمية المنتجة من الأعلاف و انحسار الرقعة المزروعة وطمر المشاريع المختلفة وتقليل كفاءة تشغيلها جراء الكثبان الرملية المتحركة الناتجة عن التعرية الريحية وحدوث العواصف الرملية وما تسببه من تأثير على صحة الإنسان والحيوان والنبات. ولفت الى ان توسع المساحات المتصحرة يؤدي إلى انخفاض المساحات المزروعة وبالتالي إلى انخفاض الإنتاج و خسائر مادية للفلاح والاقتصاد الوطني و أضرار للإنسان والحيوان والنباتات, وعند تحول الأرض الزراعية إلى صحراء فإن مواجهة التصحر بأشكاله المختلفة يحتاج إلى أموال طائلة وجهود جبارة، فمثلاً تتراوح كلفة استصلاح الدونم الواحد استصلاحاً كاملاً من الأراضي المتملحة بين 5-6 ملايين دينار ويتطلب جهدا هندسيا وفنيا يفوق قدرات العراق الذاتية ، كما ان كلفة إعادة دونم واحد من الصحراء إلى الأراضي الزراعية تبلغ أرقاما تفوق كلفة استصلاح الأراضي الملحية.وخلص الى القول: إن إيقاف الاستيراد غير القانوني يسهم في تقليص حركة التصحر بتكاليف قليلة، إضافة إلى تقوية قدرة الدولة للسيطرة على التجارة الخارجية بما يحقق التوازن بين دعم المنتجين الزراعيين للحصول على أسعار مجزية وحماية المواطنين من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية إلى مستويات تثقل كاهلهم وخاصة الشرائح الاجتماعية الفقيرة.