
أفلحت مساعي “خلية الأزمة” التي شكلها رئيس الوزراء حيدر العبادي، في اعادة التهدئة إلى قضاء “طوزخورماتو” بعد يومين من المصادمات المسلحة بين “البيشمركة” وقوات “الحشد التركماني” التي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى، والحقت أضرارا مادية جسيمة في العقارات والمتاجر الاهلية تحديدا تلك التابعة لابناء المكون التركماني.
اتفاق تهدئة
اتفاق التهدئة دخل حيز التنفيذ في المدينة ذات الغالبية التركمانية، ظهر امس مع وصول “خلية الازمة” التي ضمت في عضويتها رئيس اللجنة التنسيقية بين المحافظات طورهان المفتي، والنائب جاسم محمد جعفر، والنائب ارشد الصالحي، والنائب شوان الداوودي، ومستشار رئيس الجمهورية خالد شواني.
ونقلت تقارير اخبارية عن “قائممقام” طوزخورماتو، شلال عبدول، قوله: “انهينا الان الاتفاق ودخل حيز التنفيذ.. نحن بحاجة لدعمه واعادة اجواء الثقة بين الاطراف المختلفة”، مؤكدا “حرص الأكراد والتركمان على دعم الامن والاستقرار بين مكونات الطوز”.
وأوضح عبدول، ان “الاتفاق يقضي بتشكيل قوة مشتركة من اهالي الطوز، وتسيير دوريات مشتركة تحت اشراف لجان مختصة، واطلاق سراح جميع المعتقلين دون قيد او شرط الذين يصل عددهم الى قرابة 90 من كلا الطرفين، والبحث عن المفقودين، وتقديم الجناة الى العدالة، وتشكيل لجنة لجرد الاضرار وتعويض المتضررين”.
المسؤول المحلي، أكد أيضا ان “الاتفاق هو ثمرة نحو تهدئة الاوضاع..”، مشيدا بدور المرجعية الدينية والرئاسات الثلاث والقيادة الكردية لمساندتهم الاستقرار والامن، لافتا الى ان “الطريق الدولي بين بغداد وكركوك عبر الطوز سالك.. وان الجميع يسعى للاستقرار والامن وتجاوز الازمة الماضية”.
وفد حكومي
كما اشار إلى ان”وفدا يمثل رئاسة الوزراء والجمهورية ورئاسة البرلمان سيصل لتدعيم الاتفاق ومساندة اهل القضاء وادارتها ومجلسها المحلي”، موضحا أن “مجمل الخسائر البشرية كانت 15 شهيدا وعشرات الجرحى مع احراق وتدمير والعبث بمحتويات عشرات الدور السكنية”.
تقارير اخبارية اخرى، افادت بان طرفي “النزاع” قررا تسليم المختطفين من كلا الطرفين وفتح طريق بغداد – كركوك.
ونقلت التقارير عن مصدر امني، قوله: إن “وفدا حكوميا وصل صباح السبت (امس)، الى القضاء يتألف من كل من وكيل وزير الداخلية وقائد شرطة صلاح الدين وقادة من وزارة الدفاع، للبحث في ترتيبات وضع خطة امنية لوقف النزاع بين البيشمركة والحشد الشعبي في الطوز”.
وكان رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، قد وجه بتشكيل خلية ازمة لاحتواء التداعيات في طوزخورماتو، تتحرك على مختلف الجهات للمساهمة في وضع حلول سريعة لاطفاء الفتنة في القضاء، تتشكل من قائد القوات البرية، ووكيل شؤون الشرطة، وقائد الفرقة المدرعة التاسعة مع قوة عسكرية وأمنية للمساعدة في فرض الاستقرار هناك وتدعيمه.
وكانت الصدامات بين الطرفين قد تجددت امس السبت، وهو ما افشل نتائج المفاوضات التي جرت في وقت متاخر من مساء الجمعة الماضي بين القيادتين المحليتين للأكراد والتركمان في المدينة المذكورة.
تحذير من الفتنة
وعلى صعيد المواقف السياسية أيضا، حذر رئيس مجلس النواب الدكتور سليم الجبوري، خلال جلسه البرلمان امس من “الانجرار وراء الفتنة بسبب الاحداث التي شهدها قضاء طوزخورماتو مؤخرا”، معربا عن استعداده لدعم اي جهد من شانه حل هذه الازمة.
ونقل مصدر نيابي عن الجبوري، قوله “نؤكد على جميع الأطراف في طوزخورماتو اهمية التحلي بالهدوء وضبط النفس وعدم الانجرار وراء مخططات الفتنة التي تستهدف النسيج الاجتماعي المتماسك”، داعيا “العقلاء إلى التدخل لحل الإشكالات التي شهدها القضاء وإنهاء الأزمة بأسرع ما يمكن، عبر الحوار المشترك”.
دعوات للعقاب والتهدئة
كما دعا نائبه الشيخ همام حمودي، رئيس الوزراء لعقد اجتماع طارئ لجميع الاطراف لاسيما المتنازعة منها لبحث أحداث طوز خورماتو الأخيرة وفرض القانون ومعاقبة المسؤولين عن الفتنة, مشددا على أهمية “نزع فتيل الازمة وتجنب تكرارها”.
ولفت حمودي، في تصريح مكتوب الى “أهمية التزام جميع الاطراف والمكونات الداخلية بالأنظمة الدستورية والقانونية للدولة”، مؤكداً ان “مسؤولية الجميع هي حفظ امن وسلامة ابناء العراق بما في ذلك رئيس مجلس الوزراء”.
من جهتها، دعت كتلة “الاحرار” النيابية الى تهدئة الأوضاع في قضاء الطوز وإيجاد حل للازمة بين الحشد الشعبي والبيشمركة, مؤكدة أن “تصاعد فتيل الازمة لن يخدم إلا العدو المشترك أميركا وإسرائيل”.
اتهامات ضد “البيشمركة”
وتأتي هذه الاشتباكات، بعد ان وجهت اطراف وقوى سياسية محلية اتهامات الى “البيشمركة” وقوات “الاسايش” الكردية بتنفيذ تجاوزات على ابناء المكون التركماني، ومحاولات “إجراء تغيير ديموغرافي في طوز خورماتو لضمه الى اقليم كردستان”. لا سيما ان القضاء التابع لمحافظة صلاح الدين وهو احد المناطق المختلف على جغرافيتها بين الحكومة المركزية في بغداد والادارة في المنطقة الكردية.
وبهذا الصدد، اتهم وزير النقل والقيادي البارز في “المجلس الأعلى الإسلامي” باقر الزبيدي، “البيشمركة” بتنفيذ “اعتداءات سافرة” ضد التركمان في قضاء الطوز، مطالبا القيادات الكردية بتحمل مسؤولياتها وسحب “البيشمركة” من القضاء.
وقال الزبيدي في بيان صحافي امس: انه “خلال الأيام القليلة الماضية وتحديدا في يوم 13 تشرين الثاني الحالي جرت اعتداءات سافرة وغير مبررة من قبل قوات البيشمركة على أهلنا في مدينة الشهداء طوزخورماتو”.
وأضاف: “تلك المدينة البطلة التي كانت على مدى 13 عاما الماضية هدفا للإرهاب القاعدي – الداعشي الأسود الذي حصد أرواح المئات من أبناء التركمان البررة وخلف آلاف الجرحى والمعاقين ودمر المئات من دورهم وحسينياتهم، أضيفت إليهم قائمة جديدة من الشهداء ومعهم العشرات من المختطفين والمفقودين جراء الاعتداءات الغاشمة على يد البيشمركة هذه المرة”.في السياق ذاته، دعا رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي، إلى تشكيل لجنة أمنية مشتركة للسيطرة على الأوضاع الأمنية في قضاء الطوز، مؤكدا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي قرر إرسال فوجين من قيادة عمليات صلاح الدين للتنسيق مع القوات المتواجدة هناك بغية فرض النظام والقانون.
وقال الصالحي في حديث صحافي: إن “النواب عن المكون التركماني عقدوا اجتماعا لمناقشة الوضع المتأزم في طوزخورماتو وضرورة إنهاء الأزمة”، مؤكدا أن “المفاوضات جارية بين الأطراف المتخاصمة للتوصل إلى اتفاقية رصينة لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق”.
الأمين لعام لوزارة “البيشمركة” جبار ياور، أكد ان جميع الجهود منصبة الآن لمعالجة الأوضاع في قضاء طوزخورماتو، وقال: “نحن في قوات البيشمركة لا نرغب في وقوع اي توترات في القضاء”