عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

هكذا تكلم دافوس بقلم: د. مزهر جاسم الساعدي

المقالات 18 نوفمبر 2015 0 156
هكذا تكلم دافوس بقلم: د. مزهر جاسم الساعدي
+ = -

اختتمت مؤخرا في مدينة دافوس السويسرية أعمال المنتدى العالمي لعام 2015بحضور أكثر من ألفين وأربعمئة شخصية مرموقة فضلا عن تواجد رؤساء أربعين دولة حرصوا على حضور أعماله , وكما في السنوات المنصرمة فانه يطلق التصنيف الدولي الجديد للدول ضمن مجالات محددة باثني عشر مجالا ,لذلك تترقب العديد من دول العالم مخرجات هذا التجمع لترى أين هي وماذا عليها أن تفعل لتحسن صورتها أمام أنظار العالم في حال تراجعها او حصولها على تصنيف متدن .
والأمر المؤكد أن الدول التي تحصل على تصنيفات متقدمة او تتقدم في تصنيفها مرتبة إضافية هي الأكثر فخرا وسعادة بمنجزها لأنها اجتهدت وثابرت لتقدم صورة ناصعة لبلدانها ,وأما الدول التي تراجعت في تصنيفها فتنبري لتحليل بيئتها الداخلية ودراسة أسباب التراجع بغية وضع المعالجات بشكل علمي بعيدا عن الشعارات وتسويق المقولات الكاذبة ومن ثم العودة إلى لائحة التنافس بين الدول .
وكنت انتظر خلال الأيام المنصرمة ردة فعل المعنيين بالتعليم في العراق وهل أنهم سيقيمون الدنيا ولم يقعدوها ويعلنوا حالة الاستنفار العام في مؤسساتهم,ويقولوا أن الذي يسمى (كلاوس شواب) ماهو إلا رجل كذاب ومأجور, لأنه ومنتداه كان سببا في إخراج العراق من قائمة التصنيف الدولية في تصنيفات المنتدى لهذا العام ,وهذا يعني أن كل الذي يجري في مؤسساتنا التعليمية لم يكن تعليما بل هو نكسة حقيقية لابد من إعلان الحداد الوطني عليها .
انتظرنا من المعنيين بالتعليم أنهم راح(يكَاومون) حجي شواب لأنه قد اعتدى عليهم بقسوة ما بعدها قسوة حين نزع عنهم ما يغطون به عوراتهم وجعلهم عراة يمشون بين خلق الله في وضح النهار .لكن هذا لم يحصل ولن يحصل لأنهم إذا فعلوها واحتكموا لأهل العقل ستتنزل المصائب عليهم دفعة واحدة ولن يجدي معهم ما تعلموه من فهلوة يستعرضون بها خزينهم الذي يردون به الصاع صاعين لمن تطاول على ممالكهم التي شيدوها طيلة المدة
المنصرمة.
انتظرنا خروج رجل رشيد منهم يشق جدار الصمت ويفسر لنا الكيفية التي أصبحت فيها بلاد وادي الرافدين ,موطن العلماء والمبتكرين من بين أسوأ البلدان في العالم لكنهم لم
يفعلوا .
لقد عهدنا المسؤول الحكومي انه كلما كان للفشل اقرب كان للتبرير اقدر لأنه يمتلك خزينا هائلا لا ينضب من الأعذار التي تكون رأسماله المهني لكنها المرة الوحيدة او من بين المرات القلائل التي يختفي فيها الناطق الرسمي للمؤسسات التعليمية ولم يسرع في مهاجمة تقرير دولي يصنف العراق بكونه بلدا بلا تصنيف, ولعل السر يكمن في أن هذا المنتدى يعتمد على لوائح تقييمية محددة بمجالات ( المؤسسات، والابتكار، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتعليم الجامعي والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، وتطور الأعمال والابتكار)صارت فيما بعد معيارا لتصنيف الدول بحسب ما تقدمه في كل مجال من المجالات المذكورة بحسب دراسات وتقارير معدة من قبل اختصاصيين محترمين في مجال
عملهم .
ربما يقول البعض إن مخرجات منتدى دافوس ليست رسمية حتى نقلق من نتائجها وقد تحمل في ثناياها بعض المغالطات بشأن الوضع التعليمي في العراق ,لكن من غير الصحيح عدم الاعتراف بها بكونها مؤشرات يمكن أن تعين صاحب القرار على اتخاذ خطوات من شأنها وضع الحد الفاصل للتدهور الملحوظ في المجال التعليمي ,ومن غير الصحيح أيضا أن لا نعترف بأننا لا نمتلك نظاما تربويا وتعليميا يستطيع المتعلم فيه من الحفاظ على المال العام واحترام الآخر وسيادة
القانون.ليس عيبا أن نعترف بأننا امة في خطر وان مصير أجيالنا سيكون مظلما إذا استمرت الترقيعات التي تجريها مؤسساتنا التعليمية لان الخرق أصبح أكثر اتساعا ولا يمكن رتقه إنما العيب كل العيب أن نكابر ونسوق الشعارات نفسها التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه
الآن .لقد فعلت ذلك قبلنا بلادا عديدة واعترفت بالخطر الذي يتهددها وكانت شجاعة ومحقة في هذا الاعتراف لذلك سارت عملية الإصلاح التعليمي والتربوي بخطى واضحة وأهداف واقعية يتربى عليها التلميذ والطالب ,هكذا فعلت أميركا في ا لعام 1981 حين أعلنت أنها امة في خطر ونحن نعلم ما كانت عليه أميركا من تطور في مجال التعليم إذ وضعت مراجعة عامة لنظامها وانطلقت به من
جديد .
إن مشكلتنا تكمن في المسؤول العراقي الذي مازال يعتقد أن ما لدينا هو الأفضل على مستوى المنطقة وان كل ما يقال بعكس هذا فهو غير صحيح متناسيا ومتجاهلا أن أكثر مدارسنا التي كانت تنتظم بدوام واحد أصبحت الآن بدوام ثلاثي لا ينال التلميذ فيها سوى ساعتين من التدريس ,وان الصف الانموذجي صار أكثر من خمسين تلميذا في مدارس الأطراف والمدارس البعيدة ,وان جامعتنا صارت تستوعب من الطلاب فوق طاقتها بإضعاف مضاعفة في ظل شبه انعدام تام لشروط البناية الجيدة والمنهج الرصين والاستخدام الامثل للوسائل التعليمية
والتكنولوجية . 

 

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار