
على وقع الجهود الحثيثة والاتصالات الدبلوماسية المكثفة التي اجرتها الحكومة ممثلة بوزارة الخارجية، تخلت حكومة انقرة عن موقفها التصعيدي الذي تسبب بازمة مع بغداد، وأعلنت تحريك عسكرها من اطراف نينوى دون تحديد موعد الانسحاب او وجهة قواتها التي توغلت داخل الاراضي العراقية في الثالث من الشهر الجاري.
حكومة أنقرة تتراجع
هذا التراجع جاء أيضا تحت وطأة التأييد الدولي للموقف العراقي من التوغل العسكري التركي، الذي تجسد اخيرا في الضغوط الاميركية التي مارسها رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما ضد نظيره التركي رجب اردوغان حيث دعاه الى سحب قواته من بلاد الرافدين، واتخاذ خطوات لتهدئة التوتر القائم.
وقبل اوباما، طلب نائبه جو بايدن، من رئيس الحكومة التركية احمد داود اوغلو سحب قوات بلاده من العراق، وهو موقف تشاركت به واشنطن مع غريمتها موسكو التي وقفت هي وحليفتها الاقليمية طهران الى جانب بغداد في هذه الازمة المفتعلة من قبل انقرة، منددتين بالتوغل التركي الذي انتهك المواثيق والقوانين الدولية والاعراف الاممية التي تقضي باحترام سيادة الدول المتجاورة.
بيان للخارجية التركية أصدرته في وقت متأخر من مساء السبت الفائت، أكدت فيه حكومة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، انها «ستواصل» تحريك قواتها من العراق بعد أسابيع من التوتر بين البلدين، نتيجة انتشار قواتها بالقرب من الموصل التي احتلتها عصابات «داعش» الارهابية منذ اكثر من نحو عام ونصف.
اعتراف تركي
وأقرت تركيا بوجود «سوء فهم» مع العراق في ما يتعلق بأحدث انتشار لقواتها في قاعدة «بعشيقة» العسكرية شمالي البلاد، بعد ان كانت تراوغ وتدعي بان تواجدها العسكري هناك جاء بطلب من الحكومة الاتحادية في بغداد، وهو ما تنفيه الاخيرة نفيا قاطعا.
المؤسسة الدبلوماسية في الجارة الشمالية ذكرت في بيانها، انه «مع أخذ حساسيات الجانب العراقي في الاعتبار ، ستواصل تركيا العملية التي بدأتها لسحب قواتها المنتشرة في الموصل». وأضافت، ان «تركيا ستواصل نقل جنودها من محافظة نينوى التي توجد بها القاعدة العسكرية».
احترام تركيا لسيادة العراق
وأوضح البيان، أن تركيا «تؤكد تمسكها بمبادئ وحدة أراضي العراق وسيادته وتعترف بحصول سوء تفاهم مؤخرا مع الحكومة العراقية..».
كما تضمن البيان «استعداد أنقرة للتعاون مع بغداد بهدف تنسيق جهودهما المشتركة لتحقيق الانتصار وهزيمة داعش»، مؤكدا «تمسك تركيا بتعميق التعاون مع التحالف الدولي المناهض للارهاب الداعشي».
هذه الخطوة التركية، تأتي بعد ان تقدمت الحكومة العراقية بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، الذي ينتظر منه التنديد بالتوغل العسكري التركي، مثلما طالبته بغداد بذلك.
ثبات الموقف العراقي
الموقف الحكومي أكده المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي، امس الأحد، بعدم حدوث أي انسحاب للقوة التركية عكس ما اعلنته وزارة الخارجية التركية.
وقال المتحدث باسم المكتب سعد الحديثي في تصريح صحفي: إنه «لم يحدث أي انسحاب للقوة التركية بعدما طالبت الحكومة العراقية بسحب هذه القوة الى الحدود البرية الدولية بين العراق وتركيا»، مؤكداً أنه «لم يحدث اي انسحاب من هذا النوع».
فيما جددت وزارة الخارجية أمس، دعوتها تركيا لسحب قواتها بشكل شامل الى خارج الحدود العراقية.
وقال الدكتور إبراهيم الجعفري: «ما وَرَدَ في الإعلام من أنَّ القوات التركيّة انسحبت من العراق خطوة بالاتجاه الصحيح؛ لتعزيز العلاقات، واحترام سيادة وأمن العراق، ولمُواجَهة الإرهاب الداعشيّ»، مُشدِّداً على أنَّ «المسارات الأمنيّة ينبغي أن تكون من خلال احترام السيادة، والخـُرُوج من أرض العراق، بالتنسيق مع حكومته».واضاف «انـنا ماضون في خطواتنا إلى مجلس الأمن إلى أن يتحقق لنا الانسحاب الكامل، وذاهبون أيضاً إلى جامعة الدول العربيّة..».
الخارجية تتابع
بدوره، قال المتحدث باسم الخارجية أحمد جمال في تصريح صحافي: «نتابع انسحاب القوات التركية من اطراف مدينة الموصل»، عادا اعلان انقرة سحب قواتها «خطوة متقدمة بالاتجاه الصحيح».
واستدرك جمال، بالقول: «لكن نأمل في ان تستكمل هذه الخطوة كما طالب العراق بانسحاب شامل وكامل وغير مشروط لكل القوات التركية التي تسللت الى اراضيه، وعودتها جميعا الى الحدود الدولية بين البلدين».