حسن الكعبي mhmh27@yahoo.com انتهت اعمال القمة العالمية للحكومات المقامة في دبي والتي تركزت حول حكومات المستقبل وتقديم تجاربها المستقبلية في خدمة المجتمعات, وقدمت خلال انعقاد القمة تجارب مذهلة تسهم في رفاهية الشعوب وحل العقبات والازمات التي تعترضها على المستويات الخدمية والمعيشية ابتداء من التنمية التربوية والثقافية والامن الصحي والغذائي والبيئي الى تطوير وسائل النقل بشكل يتعدى حدود التصديق والتعقل فالتجارب اقرب الى الخيال العلمي منها الى الواقع رغم مصاديقها الواقعية التي تظهرها الوثوقية العالية لاصحابها ومكتشفيها، اضافة الى ان هذه التجارب تمثل تطويرا لتجارب سابقة تتمتع ببعض الصفات المذهلة التي تحملها هذه التجارب وهو ما يجعلها قابلة للتطبيق وقابلة للتصديق والتعقل البشري . ان اللافت في هذه القمة العالمية وتجاربها المستقبلية ليس اكتشاف المتابع لاعمالها لذلك الشعور الانساني العالي والراقي لمكتشفيها او العاملين على تطبيقها او انها تجارب ستسهم على المدى البعيد في سعادة ورفاهية الشعوب التي تفكر حكوماتها باسعادها او انها تجارب تمنح الشعوب شعورا رائعا بوجودها وانها محط تقدير واحترام كبيرين من قبل حكوماتها او ان المساهمين فيها ليسوا من دول اوروبا وحدها وانما من دول عربية وآسيوية نامية وتعد من دول العالم الثالث المتقهقر, ليس هذا ما هو لافت في هذه التجارب (رغم انها تجارب لافتة حقا وتستحق الاحترام) وانما اللافت هو التجارب الماضية او الحاضرة المراد تطويرها مستقبليا على اعتبار انها تجارب مستهلكة ولم تعد نافعة للبشرية في الوقت الحاضر. ان هذه التجارب التي تعد من الماضي ولم تعد صالحة في تصورات حكومات المستقبل هي ما تستوقفنا حقا لانها تمثل لنا نحن ومن يشبهنا من الشعوب التي تعيش على اكثر الوسائل بدائية ضربا من الخيال العلمي الذي لا يمكن تحققه بل من المستحيل تحققه, فهي تجارب مذهلة في سياق الرفاهية البشرية وتشعرك بانك متخلف في الزمن كثيرا بل انك لم تكن داخل الزمن وانك لم تكن حيا وانما تتوهم الحياة وانك تعيش حكاية اشبه بحكاية فيلم (الاخرون) لنيكول كيدمان التي قامت بدور سيدة تخاف على حياتها وحياة عائلتها من اشباح تسكن بيتها فتأتي الصدمة في نهاية الامر عندما تكتشف انها وعائلتها موتى منذ زمن وانهم اشباح من الماضي لكنهم يتوهمون انهم احياء, واذا كانت وسيلة الصدم لهذه السيدة التي جعلتها تتعرف على موتها هم السكان الجدد الذين يختلفون عنها في الزمن اي ان وسيلة الصدم جاءت من المستقبل, فان وسيلة صدمنا شبيهة بذلك لكن باختلاف قليل فهي جاءت من الماضي الذي ذكرنا به المستقبل. ربما يشعرك ماضي الشعوب التي عاشت بوسائل متطورة بانك ميت لكن بماذا سيشعرك مستقبل هذه الشعوب التي تسعى الى تطوير وسائلها؟ بالتأكيد انه سيشعرك باستحالة ان تحيا في يوم ما، واما الامر الذي يؤكد هذه الاستحالة فهو المقترح الذي جاء في اعقاب القمة وهو مقترح اقامة وزارة للسعادة والرفاهية هدفها الاساس سعادة شعوبها الى اقصى مديات السعادة, اشياء اقرب الى اطروحات المدن الفاضلة التي كنا نظن ونحن نقرأ عنها بأنها تصورات فلسفية طوباوية ومقترحات افلاطونية مثالية, لكن وكما تنبأ توماس مور منذ زمن بأن المفهوم الطوباوي لا يعني الاستحالة في جميع حالاته فقد يحول المستقبل مفهوما طوباويا الى مفهوم واقعي, ومؤتمر القمة كشف عن امكانية هذا التحويل الذي لا يحتاج – وكما جاء على لسان احد خبراء التجارب المستقبلية المشاركين في هذه القمة – (الا لاحساس عال بالانسانية ومعاناتها ودون التفكير بالمصلحة الشخصية انما التفكير بالمصلحة العامة بصدق كبير فهذا النوع من التفكير يشمل المصلحتين معا ويكفل تحققهما) تلك اذن هي مفاتيح السعادة في تجارب الاخرين، تلك المفاتيح التي اضعناها والى الابد.