عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي
عقيل جمعه عبد الحسين الموسوي

مشروع {الخرافة الداعشي} ما بعد الموصل

الامن 17 يوليو 2017 0 220
مشروع {الخرافة الداعشي} ما بعد الموصل
+ = -

 

51 views مشاهدةآخر تحديث : الإثنين 17 يوليو 2017 – 11:08 صباحًا
 

واشنطن / هارون ي. زيلين

كانت معركة الموصل انتصاراً تحقق بتضحيات وصبر طويل بالنسبة للعراق، فقد كلّفت أرواحاً ودمار الكثير من الأبنية في المدينة القديمة، ورغم الضربة القاصمة التي تلقاها “داعش”، فهو يستمر في شن هجمات إرهابية مع حفاظه على بعض السيطرة في جيوب في العراق، وأشار  رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في أواخر حزيران الماضي إلى أن تحرير الموصل “يمثل نهاية دولة الخرافة للتنظيم الإرهابي”، ورغم ذلك، تبقى الجماعة الإرهابية ناشطة في متابعة ما يسمى بـ “مشروع الخلافة” عبر البذل المستمر، لمستويات متفاوتة من جهود السيطرة في مختلف مناطق العراق.

وبناءً على المعلومات الإعلامية الرسمية المتعلقة بحوكمة تنظيم “داعش” كما تظهر في المحفوظات والوثائق، يمكن أن يستنتج المرء أن قدرات الجماعة الإرهابية في العراق بلغت ذروتها في صيف عام 2015، واليوم، لا يحتفظ هذا التنظيم إلا بنسبة تقدر بنحو 6.5 بالمئة من قدرة الحوكمة التي كان يتمتع بها عام 2015، مما يدل على أنه حتى مع تقلّص حجمه عموماً إلى مجرد قوة متمردة، إلا أنه ما زال يحلم بإبقاء بنًى تشبه “الدولة” في بعض مناطق العراق، وخاصةً في أربعٍ من الولايات التي أعلن إقامتها وهي: ولاية الجزيرة (شمال غرب العراق)، وولاية الفرات (غرب وسط العراق)، وولاية دجلة (شمال وسط العراق)، وولاية كركوك (شمال وسط العراق)، وتتمتع كل ولاية بدرجات مختلفة من القوة، بينما تقع الإدارة الأكثر نشاطاً في ولاية كركوك (ومركزها الحويجة)، ولتوضيح كيفية استمرار تنظيم “داعش” في حكم بعض المواقع، ستعمد هذه المقالة على دراسة بعض المواد المتعلقة بكل ولاية، بدءاً من نيسان الماضي 2017. من خلال تقييم الجماعة الإرهابية من هذه المنظار، لا بد من الإشارة إلى أنه في حين تساعد متابعة وسائل الإعلام لتنظيم “داعش” على توضيح قدرات الحوكمة الخاصة بالجماعة، إلّا أنها لا تستطيع توثيق النطاق الكامل لهذه المساعي، ومع ذلك، تعطي هذه المقاربة لمحة متسقة نسبياً عن حوكمة تنظيم “داعش” عبر الزمن، كما يتضح من الاختلافات التي لوحظت في قدرات الجماعة على مدى السنوات الثلاث الماضية.وعلاوةً على ذلك، قد يساعد فهم كيفية استمرار تنظيم “داعش” في ممارسة قوته في بعض مناطق العراق على توفير خارطة طريق من أجل طرد الإرهابيين من الأراضي التي ما زالوا يسيطرون عليها، كما قد يساعد هذا الفهم على تكوين فكرة عن الأماكن التي قد تسهل استعادتها، مما يؤدي إلى انتصارات أسرع تحقيقاً والمزيد من العزم، وبناءً على الأدلة المقدَّمة هنا، فإن أفضل ترتيب يمكن اتباعه إزاء الميادين الثلاثة الرئيسة الخاصة بتنظيم “داعش” هو: تلعفر أولاً، ثم الحويجة، وأخيرا القائم.

ولاية الجزيرة في ولاية الجزيرة، يُعتبر تنظيم “داعش” أضعف مما هو عليه في كلٍ من “ولاياته” العراقية الأربع، فهو لا يسيطر سوى على مدينة تلعفر وضواحيها، على بعد حوالي 50 ميلاً غرب الموصل، وهذه الولاية هي أيضاً الأكثر عزلة بالنسبة للجماعة الإرهابية، وتحيط بها “قوات البيشمركة” الكردية من الشمال والقوات العراقية بمختلف فصائلها من الجنوب والغرب والشرق، كما أنها ضعيفة في المقابل من ناحية الإدارة العامة، إذ لم يُصدر تنظيم “داعش” أي مواد متعلقة بالحوكمة بعد نيسان 2017، وكانت هذه المواد الأخيرة في نيسان ضعيفة أيضاً. وكانت المواد الدعائية تهدف إلى إظهار الكيفية التي يقوم بها تنظيم “داعش” بنشر التعليم المتطرف والأخبار، وإن غياب أي مواد متعلقة بالحوكمة على مدى الأشهر الثلاثة الماضية يشير إلى التراجع الحاد في القدرة على الحكم، ويبدو أن هذا الضعف يُثبت صحة تصميم الحكومة المركزية في العراق على استعادة هذه الأراضي، مع الإشارة من قبل البعض إلى جدول زمني يتراوح بين ثلاثين وتسعين يوماً لتحرير تلعفر.

ولاية دجلة وولاية كركوك تشمل البقعة المعزولة الثانية التي ما زال يسيطر عليها تنظيم “داعش” – والتي تتألف من مناطق في ولاية دجلة وولاية كركوك – أراضٍ داخل محافظة كركوك، وتتاخم هذه الأراضي التي يحتلها تنظيم “داعش” المنطقة التي تسيطر عليها “قوات البيشمركة الكردية” من الجهة الشمالية الشرقية، والقوات الاتحادية العراقية من الجهة الجنوبية الغربية، وتقع على بعد حوالى (64 كلم) إلى الجنوب الغربي من مدينة كركوك، وعلى عكس ولاية الجزيرة، تمثّل هذه المنطقة أقوى مشروع حوكمة لتنظيم “داعش” في العراق في الوقت الحالي، على الرغم من أن عزلتها قد تجعل منها هدفاً ثانياً أفضل من الأراضي في ولاية الفرات، التي تمتد على المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” على كلا الجانبين في القائم والبوكمال. وداخل ولاية دجلة، يُعتبر تنظيم “داعش” أكثر نشاطاً في الزاب وفي شميط – اللتين تقعان على بعد حوالى (96 إلى 105 كلم) جنوب غرب مدينة كركوك، كما أن حوكمة تنظيم “داعش” هي حتى أكثر تطوراً في ولاية كركوك، مقارنةً بولاياته الأخرى، فهناك، يبقى ناشطاً في الحويجة والرياض والرشاد ودوكمات، ففي الرشاد، على سبيل المثال، وفي أواخر حزيران الماضي، استضاف مكتب العضوية والدعوة والتعليم التابع لتنظيم “داعش” تجمعاً عشائرياً من شخصيات موالية له. وختاماً، في الحويجة، حيث يبدو أن قوة تنظيم “داعش” تبلغ ذروتها في العراق، قامت الجماعة بعقد لقاء بين زعماء قبائل الحويجة ومكتب العلاقات العامة الخاص بالتنظيم الإرهابي، وبالتالي، تبقى إدارة تنظيم “داعش” قوية في ولاية كركوك وفي مدينة الحويجة على وجه الخصوص، مقارنة بالولايات الأخرى، بينما لم تكن قد بلغت ذروتها قبل بضع سنوات.

ولاية الفرات أخيراً، من الجهة العراقية لولاية الفرات التابعة لـ تنظيم “داعش”، كانت الجماعة الإرهابية أكثر نشاطاً في في مدينتي القائم وراوة، فهناك، يستمر الأعضاء في التنظيم ببيع بضائعهم في الأسواق، وإدارة الحقول الزراعية وبعض المصانع وحصاد وبيع الفواكه مثل المشمش.وعلى الرغم من أن حوكمة تنظيم “داعش” على الجهة العراقية لولاية الفرات لا تُظهر الفطنة نفسها كما في ولاية كركوك، إلّا أن ولاية الفرات تستفيد من كونها غير معزولة جغرافياً، مقارنةً بالولايات الثلاث الأخريات التي نوقشت هنا، وبما أن النصف الآخر من ولاية الفرات هو في سوريا، فإن تنظيم “داعش” يتمتع بحرية التنقل عبر الحدود، مما يعقد الخطط العسكرية المحتملة، بالإضافة إلى ذلك، فإن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يعمل على استعادة الرقة، في سوريا، لن يتمكن على الأرجح من التقدم بما فيه الكفاية نحو الجنوب لربط الجهود على جانبي الحدود قبل تحرير تلعفر في العراق، ولهذا السبب سيكون من المنطقي التركيز على ولاية الفرات في الدرجة الثالثة من بين المواقع الثلاثة المتبقية لتنظيم “داعش” داخل العراق، وفي غضون ذلك، سيعتمد نجاح هذه المعركة على إحراز تقدم أكبر في الحملة ضد تنظيم “داعش” في سوريا، مع القبول بأن المقاربة الأكثر فعاليةً ستتطلب الاستحواذ على كامل ولاية الفرات، على جانبيها العراقي والسوري، فإذا ركّز التحالف على جانب واحد فقط، قد تعبر عناصر تنظيم “داعش” الحدود، وتعيد تشكيل المفاعيل المرجوة من أعمال التحالف وإبطالها.

الاستنتاجات نظراً إلى هذه الصورة عن المناطق التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم “داعش”، يجب على القوات العراقية أن تثني فعلاً على انتصارها في الموصل – ولكن يجب عليها أيضاً ألا تحيد بنظرها عن الخطوة التالية، ليس فقط في ما يخص المواقع التي ما زال تنظيم “داعش” يحتفظ فيها بقوة مسلحة، بل أيضاً المواقع التي يُظهر فيها سيطرة إقليمية ومرونة إدارية، ولن يؤدي تدمير بقايا “مشروع الخرافة” الخاص بتنظيم “داعش” إلى القضاء على الجماعة الإرهابية، التي ستستمر في تشكيل تهديد من ناحية التمرد والإرهاب، لكنه سيزيل أي حجج قد يميل الإرهابيون إلى تقديمها لتبرير استمرارية “دولتهم المزعومة”، حتى لو كانت تلك “الدولة” عبارة عن مجرد صورة مضمحلة لكيانها السابق. • باحث في معهد واشنطن متخصص في الجماعات الإرهابية

شاركنا الخبر
احدث الاضافات
آخر الأخبار