ما هي الديمقراطية؟ لعل هذا السؤال ظل مطروحا في الشارع العراقي لسنوات طويلة دون أن نجد ثمة أجوبة حقيقية له،ولعل واحدة من الإجابات القوية تكمن بمقولة الديمقراطية تعني قانون أحزاب ونظاما انتخابيا وصناديق اقتراع، فيما يرى البعض الآخر غير ذلك ويظل يبحث عن تعريف يتلاءم وما يريده دون أن يعترف إن الديمقراطية في ركن مهم من أركانها ما أشرنا اليه في البداية (أحزاب ونظام انتخابي وصندوق). وكلما اقتربت الانتخابات تبدأ عملية تعديل لقانونها الذي يقبله البعض ويرفضه البعض الآخر وهذه مسألة طبيعية في بلد تتكاثر فيه الأحزاب لدرجة إنها قد تصبح أكثر من مقاعد البرلمان نفسه مما يعني إن الجميع يبحث عن قانون يؤمن له مقعدا في السلطة التشريعية أو مجالس المحافظات المحدودة المقاعد. وهذا غير ممكن في نظام ديمقراطي لا يمكن للجميع أن يفوز خاصة وإن الديمقراطية عبارة عن قطبين أغلبية وأقلية سياسية،وتابعت ردود الأفعال حول قانون الانتخابات المحلية،ومن ضمنها اعتماد آلية سانت ليغو المعدل(1.9)،هذه الآلية أثارت حفيظة بعض القوى السياسية وهي تمثل الأحزاب الصغيرة التي ربما تجد نفسها خارج مجالس المحافظات والبرلمان في الدورة المقبلة. وهنا علينا أن نناقش بدقة ،هل ان وجود أحزاب صغيرة ربما تحظى بمقعد واحد في البرلمان عامل قوة للديمقراطية العراقية؟ لا أجد ذلك في ظل وجود حصص ثابتة(كوتا)للأقليات العرقية والدينية التي حرص الدستور على تمثليها في مجالس المحافظات والبرلمان الاتحادي وهو بالتالي ضمن حقوق الأقليات،لكن الدستور والقانون الانتخابي لا يمكن له أن يضمن مقاعد للأحزاب الصغيرة التي لا تتعدى أصواتها بضعة مئات وأحيانا بضعة آلاف من الأصوات في كل محافظة خاصة وإن النظام الانتخابي جعل كل محافظة دائرة انتخابية مستقلة،وهذا ما يجعلنا نؤكد أن من ميزة قانون الانتخابات أن ينتج لنا حكومة أغلبية سياسية أو على اقل تقدير ائتلافية بين حزبين وليس مع مجموعة شركاء تتعدد توجهاتهم وتتقاطع برامجهم وبالتالي تفشل الحكومة في تقديم ما يريده الشعب منها. ومن جانب آخر نفشل في إنتاج معارضة سياسية داخل البرلمان. ونخسر من الوقت الكثير عند بداية تشكيل الحكومات سواء المحلية أو الاتحادية. لهذا أنا أجد ان اعتماد آلية سانت ليغو المعدل(1,9)هي الحالة الأمثل لإنتاج اغلبية سياسية تؤدي لتشكيل حكومة قوية رغم ادعاء البعض من ان هذا النظام يؤمن بقاء الكتل الكبيرة،وهو اعتراف ضمني من قبل من يدعي ذلك بأن العملية السياسية فيها أحزاب كبيرة تريد الحفاظ على مقاعدها وتناسى هؤلاء بان القانون الانتخابي لا يحافظ على بقاء هؤلاء، بل تصويت الناخب العراقي وقناعاته بالأحزاب والكتل السياسية والشخصيات المرشحة، مهما كان القانون طالما هنالك صندوق اقتراع هو الفيصل في ذلك وبالتالي أجد ان من صالح العملية السياسية في العراق أن يكون لدينا نظام انتخابي يفرز أغلبية سياسية.
حسين علي الحمداني